الجمعة، 1 نوفمبر 2013

راحوا الطيبين



راحوا الطيبين

 


في زمن الآباء والأجداد كان المرء يوصف بالرجولة متى ما تحلّى بالشجاعة والكرم وصدق القول والأخلاق الحميدة وحسن المعاملة والمعاشرة مما يجعله بارزا  بين افراد قومه ..وكان الآباء حريصين على تنشئة ابنائهم على ذلك ..و يتخذون زيدا أو عمرا مثالا يحتذى به .. حيث كانوا يرددون على اسماع ابنائهم (اتمنى ان تكون كفلان في شجاعته وفلان في كرمه .. وهكذا ).


وكانت ديمومة التقدير في المجالس والملتقيات لهؤلاء ..وهو ما انعكس اثره حتى على الموروث من التراث والاشعار والنثر والمؤلفات .. وكثيرا ما نقرأ كلمة مرددة في تلك الكتب ان فلانا كان (رجلا ) شجاعا ..او كريما ..أو حسن الخلق .


هذا ما كان عليه حال الماضي ولذا بقيت تلك الاسماء متناقلة حتى الآن .. يضرب ببعضها الامثال ككرم حاتم الطائي ..وشجاعة  عنترة . .وغيرها .


أما الآن فقد انقلبت المفاهيم الإنسانية الصادقة إلى العكس تماما ..فبعد أن كان تقدير بني البشر (رجالا أو نساء) يبرز من خلال حسن تعاملهم مع الآخرين ..وحبهم للخير ..وكرمهم دونما انتظار لأي مقابل ..وحرصهم على التواجد وقت الشدّة ..ووفائهم واخلاصهم لأي عمل يقومون به ..ومحاولة مواجهة السيئات بالحسنات ..والبحث عن كل ما يجمع ولا يفرق ..وتقبل أخطاء الآخرين ومحاولة اصلاحهم ..والوقوف بجانب الضعيف والمحتاج والمظلوم ..ومراعاة مشاعر الآخرين وتقديمهم على النفس ..أصبح من يفعلوا ذلك الآن يطلق عليهم لقب (راحوا الطيبين)..ليس من واقع ما تعنيه هذه الكلمة من معان صادقة ..ولكن من باب الاستهجان باعتبارهم لا يسايرون واقع العصر الحالي القائم على المنفعة المتبادلة لا غير ..


فحتى تكون رجلا في نظر أمثال هؤلاء  لابد أن تكون منافقا وتقول خلاف الواقع ..وأن تجامل كثيرا على حساب الحقيقة وحتى لو أدى بك الأمر إلى الكذب. .فالمهم ارضاء هؤلاء بأية صورة.. ولا  بد أن تكون مع طرف دون الآخر حتى لو كان الأخير هو صاحب الحق ..


والأمرّ من ذلك أن كلمة ((الرجولة)) أصبحت سهلة الإيذاء , فأي تصرف حتى لوكنت على حق فيه ولكنه لا يعجب هؤلاء ..فأنت لست برجل !!.


وأصبح اطلاق الكلمات الغير لائقة  سهلا حتى وسط المجالس  والملتقيات والاجتماعات متناسين –أمثال هؤلاء – أّنّ الخالق سبحانه وتعالى قد كرم( الأنسان) عند خلقه ..وله مكانته.. ومهما  كانت ظروف العصر –كعصرنا المادي هذا القائم على المصالح – يبقى الإنسان ذو قيمة خاصة ويبقى الفيصل دائما هو التحلية بالأخلاق والصفات التي جاءت في كتاب الله الكريم ..وخلاف ذلك هو مالا قيمة له .


ولا ننسى فــ (( الرجال مواقف))!!

 

بقلم :

عبدالله ناصر العمراني (أبومياسة)

27 ذو الحجة 1434هــ

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق