الاثنين، 28 أكتوبر 2013

الأستاذ داوود



 الأستاذ داوود

 

 

في شتاء قارس وصقيع متجمد ما زلت أتذكر الاستاذ داوود وهو يضرب بمسطرة ذات نهاية حديدية على ظهر أصابع اليد ولا تسكن  هذه النزعة في نفسه حتى يقطر الدم منها , وآخر يستجمع قواه في يده الغليظة ليصفع بها صفحة الوجه حتى يستدير , وثالثا يحمل الكرسي الخشبي ذا القوائم الحديدية ليرمي به الطالب دون رحمة ..أما مدير المدرسة فلا يمر يومان إلا ويستبدل خيزرانه المهيبة (العرق) بأخرى غيرها.


ولا يمكن بحال من الاحوال أن أنسى أو أتناسى  عدد من المدرسين في المرحلتين الإبتدائية والمتوسطة ,والذين كانوا يبتدعون أساليب ساخطة في ممارسات الضرب وبطرق حادة ومنفرة  تعكس نفسية  المدرس ورغبته في التنفيس عن معاناة شخصية أو مشاكل أسرية, وقد تكون نوعا من التسلط , والرغبة في تعريض الآخرين لنفس ما واجهه في ايام دراسته , وفي أحايين ينظر اليها بأنها اجتهادات (خاطئة)  للترويض والمحاسبة على تصرفات متوقعه من طالب مازال في سنواته الدراسية الأولى .


أقول هذا الكلام عن سنوات مضت , واليوم تؤكد وزارة التربية والتعليم على منع الضرب أو حمل العصا منعا باتا لما للعقوبة البدنية من آثار ضارة على نفسية الطالب وهي ذات مردود سيء يعوق عملية التربية والتعليم ..إلا أنه ورغم تواصل التعاميم التي تصدر عن وزارة التربية والتعليم مازال عدد من المدرسين والمدرسات يتلذذون باستخدام الضرب!!


هذه الفئة من المعلمين والمعلمات يقابلون تلاميذهم الصغار بوجوه عابسة متجهمة ,يتوهمون ان ذلك يفرض الإحترام ويزرع الخوف وسيظلون يجهلون أن المناهج التربوية قد تغيرت وأن علاقة الطالب بمعلمه تطورت وأن الوجه المتجهم أصبح يثير الضحك وأن الصرامة في المعاملة لا تؤدي إلى الطاعة وحسن السلوك إنها غالبا ما تؤدي إلى الإنحراف والإنفجار.

يقول ابن خلدون في مقدمته (من كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين سطا به القهر وضيق عليه النفس في انبساطها وذهب بنشاطها ودعاه إلى الكسل وحمله على الكذب والخبث وعلمه المكر والخديعه وصارت له عادة وخلقا وفسدت معاني الانسانية التي له من حيث الإجتماع والتمدن , وكسلت نفسه عن اكتساب الفضائل والخلق الجميل فانقبضت عن غايتها ومدى انسانيتها : فينبغي للمعلم في متعلمه والوالد في ولده أن لا يستبد عليهم في التأديب).


أيها المدرسون ,أيتها المدرسات عالجوا هذا الإعتلال  بالإبتسامة ,توقفوا عن الضرب واتركوا (التكشير) , جربوا أن تبتسموا لطلابكم وستخلقون في نفوسهم توجهات مرغوبة وايجابيات كثيرة لعل أهمها محبتكم .

 



بقلم : عبدالله ناصر العمراني   أبومياسة

 ذو الحجة 1434هــ

الجمعة، 18 أكتوبر 2013

ماذا حدث للعيد ؟؟



 ماذا حدث للعيد ؟؟






عادة نمارسها... نلقي باللوم على كل شيء إلا أنفسنا , حتى العيد اتهمناه بالتغيير وهو لم يتغير!!  بل دوما نحن المتغيرون. غيّرنا الكثير من العادات الجميلة وبالتالي تغيرت معها الأحاسيس بتلك الأشياء الجميلة ..

 

عندما كنّا أطفالا صغارا نتباشر عندما يعلن المذيع في التلفزيون أن يوم غد هو أول أيام العيد ...نتراكض فرحين والسعادة تغمرنا من كل جانب...نخرج ملابس العيد الجديدة ...حتى الحذاء الجديد ولا ننسى أن نضع الشرّاب بداخله..


ننام ونحن نحلم بالغد.. بيوم العيد ..ونصحو باكرا نشيطين وكأننا موعد مع أحد... ونلبس الجديد ليوم العيد ..ونذهب للصلاة بمسجد العيد ..وعندما تنتهي الصلاة نتجه من فورنا إلى بيت الجد والجدة ...ففي منزلهما يجتمع الرجال والنساء ..الأعمام والعمات ..والأخوال والخالات..ونهرول نتسابق على الاعمام والعمات نسلم عليهم حتى نظفر بالعيدية ...ما أجمل تلك الريالات الجديدة مختلطة بحبات الحلاوة ...ونجمع العيدية ونخرج فرحين لتلك الدكاكين القريبة نشتري ونلعب ونعبث ونكون هكذا حتى صلاة المغرب ...ثم يكون بعد ذلك فراقنا كلا لمنزله حيث أن أجسامنا أنهكها  التعب فنخلع ملابس العيد بعد إلحاح من الوالدة ...ونضع رؤوسنا على مخداتنا يداعبنا النوم وأحلام بيوم جديد وعيد مديد..


 


كانت النفوس في السابق بيضاء يتلاشى منها العتب بمجرد أن  ترى الابتسامات... وتجاذب الحوارات الجميلة ضحكات من القلب ...


الآن يتقابل الأهل والأرحام ونفوسهم تحمل الكثير وتتحامل على الكثير ...لا ترى سوى ابتسامات صفراء ....والغريب أن العيد قلب ليصبح غداء أو عشاء ..ويأتي الناس وهم سهارى (مواصلون) فقط  كما يقال يأكلون تلك اللقمة ثم يتسابقون إلى منازلهم متجهين فورا إلى غرف نومهم فهم يشتكون من أن مواعيد نومهم لم تتعدل بعد....ما هذا العيد؟؟


 


كانت الجدة عندما تسمع المذيع قاطعا صلاة التراويح ليعلن أن غدا هو أول أيام العيد وأن شهر رمضان لم يكتمل ثلاثين يوما ..تكفكف دموعها وترفع يديها باكية لا أسمع ما كانت تقول ...لا أفهم سوى أنها تدعو الله أن يتقبل منها صيام شهر رمضان وأن يعيده عليها أعواما عديده... كنا أطفالا نفرح بالعيد فلماذا لا تفرح الجدة بالعيد؟


كان أمرا غريبا جدا بالنسبة الينا ..والجدة شديدة لا ترضى ابدا أن نسألها لماذا تبكين يا جدتي ؟


فهي لا تحبّذ أن ترى باكية .


ومرت السنين وفهمنا هذا الإحساس بالحزن وأصبحنا نداري الدمع وندعو الله أن يمد بأعمارنا لنصوم رمضانا آخر وندعو الله أن لا يكون نصيبنا من تقصيرنا الجوع والعطش .


 


لقد اصبحنا كبارا لا تفرحنا الريالات الجديدة ولا حلوى (ماكنتوش) ولا حلوى (التوفي)!!

 



رحمك الله يا جدتي وأسكنك فسيح جناته.




بقلم: عبدالله ناصر العمراني (أبومياسة)


7  شوال 1434هـــ